سورية في مواجهة الهجوم البديل - بقلم الدكتور أمين محمد حطيط
عندما استغل الغرب الحراك السوري من اجل اصلاح النظام وتطويره، وضع خطة للهجوم على سورية تهدف الى منع الاصلاح واسقاط سورية كدولة ذات سيادة وموقع استراتيجي هام في مواجهة المشروع الغربي الصهيوني.
خطة - وكما بات معلوما- تنتهي الى تفتيت قوة سورية ووحدتها ليسهل على الغرب التهامها حتى ومن غير حاجة الى زج الجيوش الاطلسية في خنادق القتال. وبعد ستة اشهر من العمل التنفيذي تيقن الغرب بانه فشل (دون ان يعترف بالفشل علانية)، وكان من المنطقي والمتوقع ان يجمد الغرب هجومه راهناً وان يامر اداوته المحلية والاقليمية بالتريث من اجل تقدير الموقف واعتماد اسلوب جديد في المواجهة على الساحة السورية. لكن وكما يبدو انقلب شعور الغرب بالخيبة والفشل رغبة بالانتقام من اجل منع سورية من استثمار نجاحها في المواجهة وابقاء تحشد ادوات الخطة العدوانية عليها، وانطلق هؤلاء في خطة تختلف عن الاولى في الاهداف والاركان والمراحل.
1- فمن حيث الاهداف بات واضحا ان السعي الغربي ورغم كل مواقفه وتصريحاته وبعد تيقنه من العجز عن الاطاحة بالنظام الوطني القائم في سورية اتجه الى هدف آخر هو انهاك النظام واشغاله بذاته للفترة الاقصى الممكنة واشعاره بالعجز عن الامساك بالبلاد، اما الثاني فيتعلق بمنع الحركة الاصلاحية التي انطلقت والتي ستتوج بانتخابات شباط المقبل، والعمل على اقناع من يمكن خداعه من السوريين ان الاصلاح لن يكون حقيقيا ويكون الافضل لهم عدم الانخراط فيه والاستمرار في المعارضة مهما كان الثمن.
2- اما من حيث المراحل ووجهات العمل فيبدو ان الخطة الجديدة تقوم على اركان ثلاثة:
1) الاول ميداني ويتمثل بعمل مسلح يمارس القتل والاجرام على الساحة السورية ويهدف الى منع الاستقرار في البلاد وتعطيل عجلة الحياة ودفع الناس الى الشعور بان النظام لن يتمكن من حفظ امن البلاد والامساك بها مهما لجأ اليه من قوة. وبهذا تفسر اعمال الارهاب التي تمارس ضد المدنيين والموظفين والعسكريين كما وضد المراكز الرسمية في المناطق التي يستطيع منفذو الخطة التحرك فيها خاصة في الوسط بين حمص وحماه.
2) الثاني اقتصادي: ويتمثل بالتضييق والحصار الاقتصادي الذي تشارك به دول اقليمية واروبية وبعض الدول الاخرى التي تتحرك باوامر اميركية. ويتوخى من هذا السلوك العقابي الانتقامي اظهار النظام عاجزا عن الايفاء بموجبات الدولة حيال شعبها وبان الحياة الرغيدة لن تعود الا سورية ان بقي النظام مستمرا قويا في مواقعه.
3) الثالث سياسي دبلوماسي، ويتمثل بالقيام بتحشيد دولي لعزل سورية واظهارها دولة منبوذة غير معترف بنظامها بما يشعرها او يحمل المسؤولين فيها على تلمس فك العزلة والتفلت من الحصار بتقديم التنازلات والقبول بالاملاءات التي يريدها الغرب خدمة لمشروعه في المنطقة ومعالجة للملفات التي تعنيه والتي باتت داهمة تتطلب حلاً قريبا.
لقد لجأ الغرب الى خطة الانتقام هذه وبوجوهها الثلاثة بعدما تيقن من ان التدخل بالعمل العسكري المباشر مستحيل، وان العمل الارهابي لاسقاط النظام المنفذ في الداخل السوري عقيم، وان القرارات بالعقوبات عبر مجلس الامن غير ممكنة، ، وبالتالي بات الغرب على قناعة تامة (يخفيها مكابرة )، قناعة بان النظام قوي ولن يسقط، فركز على الاعلام والضغط السياسي والاقتصادي للانتقام من الشعب السوري ومؤسساته الاهلية والرسمية التي افشلته ولكن هل سيحقق الغرب اهدافه في الخطة البديلة ؟
في مراجعة موضوعية لما يمكن الوصول اليه عبر الخطة وما لدى سورية من امكانات نرى:
1) ان القوى الامنية والعسكرية بما تملكه من معنويات وكفاءة وقدرات قادرة على التعامل مع مخاطر الحركة المسلحة وعمليات الاجرام والخروج على القانون بما يمنع او يحد على الاقل من مفاعيل هذه العمليات على المجتمع السوري في امنه وظروف معيشته.
2) ان قدرات سورية الذاتية وموقع سورية وتحالفاتها يمكنها من احتواء الضغوط الاقتصادية بما يحد الى حد بعيد من مفاعيلها.
3) ان تكون المجموعات الدولية والانقسام في ما يسمى «المجتمع الدولي» وتبلور معسكرات متعددة منها من يرفض التخلي عن سورية ويلتزم بها كيانا وموقعا ودوراً، ان وجود مثل هذه المجموعات الدولية سيفشل السعي الى الحصار السياسي والعزل الدبلوماسي، وما السلوكيات الاخيرة من اعادة السفراء او طلب الحوار واللقاءات مع المسؤولين السوريين الا بداية ارهاصات فشل نظرية العزل والحصار.
ج. على ضوء ذلك نقول بان خطة الغرب البديلة للنيل من سورية لا تتملك مقومات النجاح وان سورية قادرة على التعامل معها، ويمكنها اختصار الوقت وتحجيم المعاناة اذا:
1) استمرت الارادة الاصلاحية القائمة ولم تتأثر روزنامة العمل الاصلاحي بالضغوط لأن التراجع عن الاصلاح يعني تمكين المخطط من تحقيق بعض اهدافه، وهنا تستطيع سورية ومن اجل التسريع الاستفادة من خبرات الحلفاء المخلصين الذين يحترمون سيادتها وقرارها المستقل.
2) استيقظ من ضللوا من الشعب السوري رغم نسبتهم المحدودة والمتدنية وعلموا ان ما ينتظرهم على يد الغرب سيكون ليلا دامسا ومعاناة في الامن والمال والموقع والدور، وسارعو الى ملاقاة الاكثرية الشعبية وسعي الدولة في حركتها الاصلاحية المبنية على حوار حر مفتوح يبحث عن مصلحة الوطن.
3) استمرت قوى الامن والجيش في عملها المحترف لفرض الامن والنظام من غير الوقوع فيما تنصبه الجماعات المسلحة من افخاخ لاستدارج هذه القوى الى ردات فعل مفرطة تخدم اهدافها الاجرامية خاصة وانها باتت يائسة من النجاح فانقلبت الى ايقاع الخسائر المادية والمعنوية بالدولة.
بقلم: الدكتور أمين محمد حطيط