لعلكم تفلحون - بقلم طاهر أبو زيد
لم يكن أحد يعبأ بالانتخابات البرلمانية أو الرئاسية طيلة الثلاثين سنة الماضية لأنه لم يكن هناك انتخابات من الأساس حتى ولو كان هناك (مرشحون وصناديق اقتراع وتصويت وفرز ونتائج).. فالمصريون مع اختلاف ثقافاتهم وميولهم السياسى والدينى كانوا يدركون حقيقة ما يدور حولهم وكانوا يعلمون أن أصواتهم لا قيمة لها وأن ما يجرى حولهم كل أربع أو خمس سنوات كان مجرد تمثيلية يعدها ويخرجها عصابة الحزب المنحل مع جهاز أمن الدولة وحشد من وسائل الإعلام المأجور والموجه بجانب البلطجية وأرباب السوابق.. وكان ذلك سبب جوهرى فى مقاطعة العملية الانتخابية منذ بدايتها وحتى نهايتها.. بل والأكثر من ذلك أن المصريين البسطاء كانوا أكثر ذكاء من حكامهم وكانوا يتمنون ألا تقام الانتخابات من الأساس لتفادى ملايين الجنيهات التى تنفق وتهدر من مقدرات الوطن فى انتخابات وهمية كانت نتيجتها معروفة مقدما.
أما الآن فالمواطن يعلم جيدا أن صوته أصبح له قيمة حقيقية وثمن غال.. نعم صوت المواطن سيكون أغلى من أى وقت مضى ليس بمعيار المال بطبيعة الحال ولا بمقاييس البيع والشراء ولكن صوته سيكون غاليا لأنه سيرسم طريق المستقبل للأبناء والأحفاد والأجيال القادمة.. وعلى كل من يملك صوتا عليه أن يكون أمينا عليه وأن يمنحه لمن يستحقه سواء كان حزبا أو تيارا أو حتى على المستوى الفردى.
فالمشاركة فى ظل الظروف الحالية واجبة على كل مصرى غيور وكل مواطن يتعمد الغياب أو المقاطعة سيكون مذنبا فى حق نفسه ووطنه لأن المشاركة واختيار الأصلح هو أهم عوامل الاستقرار والأمن وتحقيق حضارة الأمة.
وهنا أذكر بأن الثورة ما قامت وتفجرت ورويت بدماء الشهداء وأزاحت نظام الاستبداد والفساد إلا من أجل يوم نستطيع فيه أن نترشح وننتخب ونختار بكل حرية.. وها هو اليوم قد أتى وعلى الجميع أن يمسك بزمام المبادرة وأن يشارك فى صناعة عهد جديد.. عهد لا يقبل التفريط فى الحقوق أو حتى المساومة عليها.. والمشاركة هى بداية الطريق لأنها فرض عين على كل منا وضرورة مدنية لا تقبل الغياب وعلى كل المصريين أن يشاركوا بقوة وفاعلية لضمان نجاح أول عملية انتخابية حقيقية كما أن الحرص على التصويت سيكون السبيل الوحيد لإبعاد كل المتسللين من فلول النظام السابق إلى الأحزاب الجديدة.. وهذا هو الدور الأصيل للمواطن الذى لابد أن يواصل ثورته ضد المتلونين الذين لا يخجلون من أنفسهم ويصرون على ترشيح أنفسهم مع أنهم معروفون بالاسم بأنهم من أذيال النظام السابق!!
أما دور المجلس العسكرى والحكومة الانتقالية فلابد أن يكون ملموسا وفعالا.. بمعنى أن إصدار القوانين الإجرائية للانتخابات لابد أن يواكبه مواصلة تطهير البلاد من الفسدة والمفسدين.. فحتى الآن لم تصدر أحكاما على المتورطين فى قتل الثوار وكأنها جرائم وقضايا مدنية وليست قضيايا ثورية.. كما أن فلول النظام السابق وعناصره لا يزالون فى مناصبهم فى أكبر وأضخم المؤسسات الحكومية ولا أدرى من يحميهم ومن يقف خلف بقائهم إلى الآن كما أن هناك أوساطا كاملة كانت تستخدم كأدوات حكم فى عهد النظام السابق مازالت قائمة بكل صورها ولم تصلها الثورة مطلقا.. وأقصد هنا الوسط الرياضى والكروى بل والأكثر من ذلك أنهم ما زالوا يعملون بنفس سياسة النظام السابق من حيث التربح والكسب والصراع على صفقات الرعاة وسبوبة الإعلانات.. وكأن شيئا لم يكن.
إن كثيرا من المسئولين فى الأندية والاتحادات الرياضية ليأكلون أموال الناس بالباطل ويريدون البقاء فى مناصبهم أمد الدهر وهم صورة مصغرة للنظام السابق.. ولا يتناهون عن منكر فعلوه فإلى متى يبقى هؤلاء ومن يحميهم ويقف خلفهم.. وإلى أى طريق ذهبت القضايا المرفوعة ضدهم.. هل دخلت الأدراج كما كان يحدث قبل 25 يناير أم أنهم أكبر من القانون.. حاسبوهم قبل أن تحاسبوا.. وزنوا أعمالهم قبل أن توزن عليكم فهم يلعبون من وراء حجاب ويساندون الفلول بأموالهم للحفاظ على كل ما نهبوه من أراضى الدولة وأموال المؤسسات والهيئات.. فهم أخطر من رموز النظام البائد وهم من يحرفون الكلم عن مواضعه وهم أخطر على الثورة والثوار.. قفوهم وحاسبوهم لعلكم تفلحون.