عدد القراء

لمراسلة أسرة تحرير المجلة يُرجى الضغط هنا

أدخل بريدك ليصلك جديدنا:

مسلسل آدم تحليل واضاءة - للمهندسة هناء عبيد





آدم..مسلسل تعرض إلى قانون الطوارئ.. وأشياء أخرى



لست من هواة متابعة المسلسلات العربية فقد أتابع عدة حلقات ثم أتوقف نظرا للملل الشديد الذي يصيبني من جراء أحداث قصص هذه المسلسلات بسبب سطحية محتوى معظمها ومدى تكرار نفس القصص ..لكن هذا العام تسنى لي أن أتابع أحد المسلسلات حتى النهاية ، إذ شدني مسلسل بعنوان آدم إلى الاستمرار في المتابعة , لا للبراعة الفنية التي اتسم بها المسلسل ، فحسب رأيي الشخصي للأسف أعتبره مسلسلا فاشلا من حيث التقييم الفني والتقنيات بما تعنيه الكلمة من معنى ،لكن الأحداث ومحور القصة التي تعرض لها جذبتني إالى أن أتابعه حتى النهاية ، ولربما كان للفنان القدير محمود الجندي وبراعته الفائقة في أداء دوره والتي لا استطيع اعطاءها حقها سببا آخر في استمراري في مشاهدته حتى آخر حلقة. .
.أما بالنسبة للحوار فيخيل لي بأنه قد تم كتابته من قبل أكثر من كاتب نظرا للتفاوت الكبير في مستواه الذي كان يتأرجح بين المتانة أحيانا والضعف أحيانا أخرى ، فتارة كان يظهر حوارا مدروسا بشكل دقيق ومواكبا للتركيب النفسي للشخصيات ،وتارة اخرى كان يبدو مثيرا للضحك..لدرجة أن شعرت بالشفقة في بعض المشاهد على موقف الممثلين ، وأنى لهم أن يستطيعوا أن يتخطوا ويواجهوا مثل هذا الحوار الذي وضع بعضهم في مواقف محرجة بحيث بدت بعض المشاهد المثيرة للحزن والتي كان من المفترض أن يتعاطف الجمهور معها مثيرة للسخرية نظرا لضعف صياغة الحوار..لن أتطرق كثيرا هنا إلى التقنيات الفنية أو أسلوب العرض فلست ناقدة في هذا المجال إنما سأتعرض إلى صلب الأحداث والقصة التي تمحور حولها هذا المسلسل .


فقد تعرض المسلسل إلى طبقة الفقراء التي تكدح في سبيل تحصيل لقمة العيش الصعبة وما ترتب عن ذلك من عيوب وخلل في تركيب وسلوكيات المجتمع . وقد بدا واضحا من خلال الحوار مدى الإنتقاد اللاذع للنظام السابق وما كان عليه من فساد قلما سمعنا له مثيلا في أعمال درامية أخرى قبل أن يؤول هذا النظام إلى السقوط .
كما تعرض المسلسل الى عدة نقاط على قدر بالغ من الأهمية ، من أهمها قانون الطوارئ الذي رسخه الرئيس أنور السادات والذي تم استغلاله في عهد المخلوع حسني مبارك..وقد أطلعنا المسلسل على بعض المشاهد التي تبين مدى التعسف وعمليات القمع التي يتعرض لها المتهمون قبل أن تثبت إدانتهم وبدون أي حق في ظل هذا القانون ، حيث وكيل النيابة الذي تجرد من الإنسانية والذي استطاع ماجد المصري أن يجسد شخصيته ببراعة حيث بدت قسوته الشديدة والتي استخدمها في تعذيب المتهمين ، وقد بدت بعض مشاهد التعذيب في السجون وكانت مثيرة للإشمئزاز والحنقة، ولم تكن بعيدة عن الواقع والحقيقة في بشاعتها ، فما اقترفته أيادي ضباط المباحث المصرية ورجال الأمن المصري في عهد النظام المصري السابق ليفوق آلاف المرات ما تم عرضه . فبمجرد الدخول إلى الشبكة العنكبوتية ووضع كلمة تعذيب في خانة البحث سيتم التوجيه إلى أنواع بشعة جدا من التعذيب تتنافى وأقل القيم الإنسانية ، كان قد تعرض لها بعض المتهمن المصرين قبل أن تثبت إداتنتهم . ونحن هنا بالطبع لن نلقي جام غضبنا على كل أفراد الجهاز الأمني أو جهاز مباحث الدولة إذ لا نؤمن بالتعميم وهذا أيضا ما أشار اليه المسلسل من خلال شخصية أخرى لرجل النيابة الذي أظهر تعاطفا كبيرا مع المتهمين. وفي هذا الصدد أتساءل بشدة عن كيفية اختيار رجال الأمن ورجال المباحث الذين يمكنهم أن يسحقوا كل ما هو إنساني دون أي أدنى حق وبدم بارد أزرق . وأن يصبوا جام غضبهم على أشخاص لم تثبت ادانتهم بعد ، إذ لا بد وأنهم ينتقون بدقة بالغة جدا بحيث تكون أول صفة من صفاتهم التجرد من المعاني والأحاسيس الإنسانية ، فقد سمحت أخلاقهم التي تجردت من المشاعر باستغلال مناصبهم لتطبيق قانون الطوارئ بشكل تعسفي دون الأخذ بعين الإعتبار لأحد أهم بنوده والذي يقضي بعدم التعرض لانتهاك الحقوق الإنسانية والتعذيب بأي شكل من الأشكال.

وللأسف الشديد فبعد أن طالنا الأمل بأن هذا القانون قد أخذ بعين الاعتبار كمادة مهمة جدا يجب إلغاؤها في ظل العهد الجديد وبعد الثورة في مصر ، إلا أن الأحداث الأخيرة وما نجم عنها من إعتداء على سفارة الكيان الصهيوني قد أعادته للظهور من جديد بل وبشكل صارم جدا . لا بد لنا هنا من التأكيد على أن هذا القانون من أهم الأولويات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حتى يتم الغاؤها نظرا للظلم الشديد الذي يتعرض له المتهمون أثناء التحقيق معهم ..

أيضا تعرض المسلسل إلى نقطة مهمة جدا وهي عن كيفية معاملة الرعايا الامريكيين في بلادنا العربية ، حيث من خلال الأحداث يتعرض أحد الأمريكيين لجريمة قتل مما أقام الدنيا ولم يقعدها..لدرجة وأن طلب القاتل للتحقيق معه في أمريكا في إشارة إلى مدى ما وصلت اليه بلادنا من إذلال لا يمكن التغاضي عنه فماذا لو انعكس الحال وكان القاتل أمريكي الجنسية في بلاده وكانت الضحية عربية الجنسية.. ؟هل ستطالب بلادنا بمحاكمة الأمريكي على أراضيها..؟ أم سيظل العربي بلا ثمن أو قيمة . حقا كم هو محزن جدا أن تكون أوضاعنا مزرية إلى هذا الحد وكم هومؤلم أن تظل بلادنا إمعة ليست لها سيادة حتى على أراضيها .

كذلك تعرض المسلسل إلى العلاقات بين المسلمين والأقباط في مصر في محاولة لرأب الصدع الحاصل بينهما من خلال تعرض فتاة قبطية للإغتصاب وقيام شاب مسلم بإنقاذها معرضا نفسه للمخاطر ومدى تعاطف عائلة الفتاة مع هذا الشاب المسلم .
أمور مهمة جدا تركت مفتوحة بلا نهاية إشارة إلى أنها ما تزال تنتظر حلا. فهل من نهاية...؟

م هناء عبيد

منشورات مجلة Unknown بتاريخ الخميس, سبتمبر 22, 2011. أنظر قسم , . نرحب بآرائكم وملاحظاتكم ومساهماتكم راسلنا

0 التعليقات على موضوع مسلسل آدم تحليل واضاءة - للمهندسة هناء عبيد

علّق على الموضوع

أحدث المواضيع

آخر التعليقات

معرض الصور

.

تعريب وتطوير مكتبة خالدية.. جميع الحقوق محفوظة لمجلة بيتي وبيتك للإعلامية صبا العلي