هيا معي لندخل بيوت المشعوذين والعرافين
في عهود الظلام التي عاشتها أوروبا أزدهر دور الكنيسة لدرجة أنها شرعت في بيع ومنح صكوك الغفران لدخول الجنة الأمر الذي دفع كارل ماركس بعد سنين من هذا للقول "الدين أفيون الشعوب"فكلما عشش الجهل في بلد ما انتعشت الخرافات والأباطيل والأساطير وأغلقت دور العلم أبوابها وهجر الأطباء مصحاتهم وتحول الدجال إلى طبيب والقسيس إلى جراح والشيخ إلى طارد للجن والعفاريت والأرواح , وهي مهام ووظائف تجلب منافع لاتحصى تبدأ من الليلة المقدسة وتنتهي بالتبجيل والتعظيم والاحترام بل واظفاء هالات القداسة الأمر الذي يجعل المتمتع بهذه الامتيازات يكافح وينافح عنها حتى لايفقدها وبالتالي يفقد دوره بالمجتمع النخبوي , وبحكم أن العامل الديني مقدس ومهاب ولا يمكن المساس به فإن هؤلاء يلحقون بالدين كل مايرونه أداة لتكريس الواقع واستمرار هيمنتهم وإن كان ذلك لم يحمي الكنيسة من حركة الإصلاح الديني التي قادها مارثن لوثر ومن سار على خطاه , وبالتالي تحرر أوروبا من هيمنة الكنيسة ولجأت إلى المعرفة وتحصيل العلم وأخضعت كافة الظواهر للمعرفة العلمية فتحررت البلاد والعباد من براثن الجهل والتخلف والارتهان للشعوذة والتنجيم فوصلت أوروبا لما هي عليه اليوم حيث يوجد مسلمون ولا يوجد إسلام فأخلاقهم ديننا وحرصهم على التعلم والتطور منهج إسلامي صرف في الوقت الذي تراجع فيه العرب على كافة المستويات وفقدوا المكاسب التي حققوها فلم يعد للزهراوي وابن النفيس وابن الهيثم وابن رشد والأنطاكي والفارابي وابن حيان وابن زهر وابن حوقل والخوارزمي مكانا بين المشعوذين والكهان والعرافين وقاريء الكف ومفسري الأحلام وضلالات الجن والعفريت والمس والرقية والحسد والسحر وبدلا من البحث العلمي أصبح البحث منصبا عن ألوان العفاريت وأشكالها وأنواعها لدرجة أن احد الشعوبيين قال بان العرب اخترعوا الصفر وبقو فيه وهذا رأي فيه بعض الصواب إذ كيف لأمة أسست علم الفلك ورسمت خرائط العالم يتحول عندها الخسوف والكسوف إلى مصدر للرعب والخوف ومن ألف طوق الحمامة في الألفة والإلافة تتحول لديهم ظواهر الطلاق والعنوسة إلى أفعال الجن والشعوذة والسحر وقد هيأت ثورة الاتصالات المناخ للمتاجرين بالخرافات إلى فتح قنوات تعالج بالأدعية والأعشاب والخلطات السحرية كافة الأمراض ومختلف القضايا لدرجة أن من يشاهد هذه العروض يلتمس العذر للمسئولين العرب بمختلف مستوياتهم الوظيفية لأنهم لا يشجعون البحث العلمي ولا ينشئون المراكز البحثية ولا ينفقون على التعليم والصحة إلا الفتات بل يحمد المرء ربه أنهم لم يقرروا قفل المشافي والمصحات طالما أن هؤلاء السحرة والمشعوذين والدجالين والكهان قادرون على شفاء الناس وحل مشاكلهم وتوسيع أرزاقهم وخلافاتهم الزوجية بخلطة من عسل ولبن وتمائم وأيقونات وفي المقابل فإن هؤلاء المتاجرون بجهل وتخلف وإحباط وضياع الناس يكسبون الملايين من الرسائل النصية ومن الاتصالات الهاتفية وبيع منتجاتهم وبهذا أصبحوا يضاهون نجوم الغناء والرقص والتمثيل ويستقبلهم رؤساء الدول وزوجاتهم وأولادهم وأحفادهم لذا فمن غير المنطقي ولا المتصور أن يتنازل هؤلاء عن هذه الامتيازات ويحظوا الناس على العلم والمعرفة ويخرجوهم من ظلمات الاستبداد الفكري وعوالم الجن والأشباح والسحر والخرافة إلى فضاء المعرفة وإخضاع كافة الظواهر للتحليل والتدقيق وإيجاد السبل الكفيلة لعلاجها ..فلا سادة القوم مستعدون لهذا لأن الوعي والفهم والإدراك الشعبي يؤدي إلى رفض واقع الحال ومن ثم إلى الإطاحة بهذه الرموز كما فعل روبسبير ولا الكهان والمشعوذين على استعداد لفقد امتيازاتهم التي تحصلوا عليها في ظل جهل الناس وخمول تفكيرهم لذا تزاوجت السلطة مع السحرة لتنتج مجتمع مؤمن بالخرافة ومرتهن للأساطير عقله نائم ودماغه في سبات دائم وخلايا مخه مازالت مغلفة لم تستعمل منها سوى خلايا الأكل والشرب والتكاثر تماما كخلايا كافة مخلوقات الله بدءا من الطحالب وانتهاء بالقرود ..ومن هنا ندرك سبب التقتير والشح في الإنفاق على البحث العلمي فما يصرف على مراكز البحوث العلمية بكافة الدول العربية أقل مما يتم إنفاقه على رحلة صيد للحبارى بجبال القوقاز ..أو على ....؟
منشورات مجلة Unknown
بتاريخ السبت, يونيو 19, 2010.
أنظر قسم
أبجدية صبا
.
نرحب بآرائكم وملاحظاتكم ومساهماتكم راسلنا
لا اعرف لماذا الميل شرقا او غربا تكذيبا او تصديقا لماذا لا ناخذ الاشياء با؛تمالية الخطا والصواب لماذا افتقدنا التواضع وقول راي صواب يحتمل الخطأ ورايك خطأ يحتمل الصواب لماذا تسمع بعض الاراء وتامن بها ويهيأ لك بأنه لا وجود لاراء اخرى تكتشف ان هناك رأيا اخر وان الاخر يهئ لك بأنه الصواب ولا وجود غيره اسف على تطويل المقدمة
ولكن من ينكرون السحر والحسد والشعوذة هم انفسهم اكبر ذبائن السحرة والمشعوذين ومن يصدقون بالسحر والحسد والشعوذة هم انفسهم من يتباطئون في معالجة انفسهم من هذه الافات اصدق مين واكذب مين لماذا اصبحنا فقهاء بدون علم لماذا نلوم اصحاب العلم وننكر على اهل الثقافة
هل فعلا جاء الزمن الذي تتكلم فيه الرويبضة وهو اقل الناس شانا ويتحدثون بأمور العامة ادعو الله الا نكون منهم
امين