صوب الجنوب - بقلم القاص نبيل بقطر

مهداة الى روح الشاعر الراحل محمد أبو المجد الصايم

-1-

دون علة أو سبب أعلن القمر صيامه هذا المساء ، وأقسم بكل أحفاده من أنجم وشهب بألا يكون الإفطار إلا علي قصيدة . "يا وطني " كانت البداية – وأية بداية – بسرعة البرق سودت بياض الأهرام لم يصدق نفسه ، هكذا روي أحد تلاميذه ، جحظت عيناه ، وقف جامداً وبصعوبة أغلق الجريدة ومضي ، بعد ثلاث ساعات نامها ملء جفنيه ، تناول طعامه في تؤده .. أخذ يقرأ في نهم .

-2-

حين تهاوت أسئلة محاورة فوق رأسه كمطرقة ، حلق ناحية السماء ، حينما عاد تحدث بصوته الهامس : الصدق الصفة المطلوبة غير الموجودة ، أفضل اللعب بالكلمات ، الشاب ربيع الحياة .......

لم يصدق محاورة الخير ، لكنه لما تأكد صاح باكياً : لم يتم السابعة والثلاثين بعد .

- 3-

"ناداني وسألبي النداء " نام نوماً هادئاً ، حين قام ، قام مبتسماً ، لما سألته عن السبب مستبشرة خيراً قال : اليوم يوم

الوقفة وغداً عيد الأضحى وكل بيوت القرية فرحة ، فلأ عيد أنا ولكن بشكل مختلف ، سأزور سيدنا " أبو الحسن الشاذلي "

-4-

ناداني وسألبي النداء تشبثت الطفلة بجلباب أبيها الواسع .

-- بالعجلة يا أبي ... ؟

-- بل بالسيارة ، العجلة للمدرسة

-- ستغني لي ؟

-- نعم يا طفلتي .. في الطريق سأغنى قصيدة كتبتها من أجلك ، أجمل بكثير من كل تلك القصائد التي نظمتها في عينيك الجميلتين ... سأغنى أغنية طويلة ، أطول من كل هذا الطريق الذي يبدأ بكوبري قريتنا ماراً بنجع حمادي - قنا – إدفو – مرسي علم .

سأغنى أغنية طويلة ولكنها حزينة .

-5-

- كيف حال توأمك الروحي مصطفي ؟

- ابتلعته القاهرة .

- وتوأمك إسحاق ؟

يعيش مفتوناً بمعشوقته الصغيرة ، وقد كثرت نوبات جنونه .

- وأنت ؟

- لن أكون أفضل منهما بأي حال من الأحوال .

في كل مرة يسألني نفس الأسئلة ، فأجيبه بنفس الإجابة .

يبتسم ويتركني .

حينما عاد مصطفي فجأة – وكنت أعول هم عودته – لم يباغتني السؤال بسرعة وقبل أن تخونني شجاعتي سألته عن مكان " أمل دنقل "، بدهشة قال : في الجنوب

- صاحبك أبتسم ومضي .