عدد القراء

لمراسلة أسرة تحرير المجلة يُرجى الضغط هنا

أدخل بريدك ليصلك جديدنا:

حوار مع شهيد - لـ د. عاطف عتمان




فى ليلة مظلمة حالكة السواد والقمر قد خلع السماء والنجوم قد أفلت وزعابيب أمشير تهتك ستر الليل .مع أننا لسنا فى موعدها والجو مكتوم لا حار ولا بارد لا سعيد ولا حزين
نظرت بعينى فلم أرى موطىء قدماى حاولت جاهدا أن أرى إن لم يكن ببصرى فببصيرتى إن كان عندى شىء منها
وفى هذا الجو الملبد بالهموم والمعتم بغبار الظلم
هناك من بعيد لاح فى الأفق نور لا أدرى حقيقته أو هويته
بدأ يقترب رويدا رويدا وبدأت ملامحه تتضح بعض الشىء
إنه ملاك.. النور يشع من أرجاء جسده الهلامى الذى لم أستطع تحديد ملامحه ولكنى أحس بروحه.. إقتربت منه وسألته
من؟من أنت؟رأيت إبتسامة عريضة تضىء على وجهه ..
ورأيت حزنا ومرارة فى مقلتيه ..زادت ضربات قلبى وصرخت
من أنت؟
قال..أنا الشهيد
نزلت الكلمة على كصاعقة هزت كل أحشائى وبعثرت كل أفكارى وأزداد خفقان قلبى ..فسارع قائلا
أنا الشهيد أنا بن مصر أنا التاريخ أنا الحاضر ومن أجل المستقبل وهبتكم دمى
بدأت أستوعب الموقف شىء فشىء ..فإذا به ينظر إلى بحب وحنان ..وبدأت جرعات حنانه تسرى فى صومعة جسدى وبدأت الطمأنينة تكسونى حتى أطرافى
وبادرته كيف أنت؟من أنت؟لما جئت؟ما وجدت؟و..؟
بادرنى بإبتسامة حانية
وقال هون عليك أنا الشهيد تركت دنياكم بظلمها وظلماتها
بكرهها وحقدها ومكرها بعت نفسى لربى ووهبت دمى ماء لشجرة حريتكم أما مكانى فهناك وما أدراكم ماهناك وليتكم تعرفون ما هناك لو عرفتم ما تقاتلتم ولا تعاديتم
أنا فى دار لا ظلم فيها ولا غدر أنا عصفور الجنان أسبح فى ملكوت ربى...
وجئت أسأل عن حبيبتى وأحبائى
جئت أسأل عن دمى
جئت كى أرى شجرة الحرية التى رويتها من دمى
أين هى؟أين تلك الشجرة؟ومالى أرى الغبار يكسو وجه حبيتى
؟؟؟؟؟؟؟؟؟
طأطأت رأسى خجلا
وتطايرت الحروف من بين شفتاى
وأحسست بنبضات قلبى تكاد تتلاشى
قال بصوت قلق حيران أجبنى مالى أرى حبيبتى التى ضحيت بنفسى من أجل أن أغسل أحزانها وأتراحها مهمومة والغبار يعفر ثوبها.. أجبنى؟هل ضاع دمى هدرا؟أجبنى؟
ما مصير من قتلنى؟
والحزن الوطنى هل مازال كاتم أنفاسى؟
أجبنى؟
هل طهرتم الإعلام أم مازال إعلانا؟
هل عاد الأزهر منارة للإسلام أم مازال تحت قيود الجهل والإستعباد ؟
ما حال النخبة المريضة التى صنعت الأصنام وقدستها؟
ما حال المعارضة التى كانت تدار من لاظوغلى؟
أما زلتم تحكمون بالطوارىء؟
أما زالت الصحف تفرم لتعديها الخطوط الحمر؟
أما زلتم تعانون الفقر والجهل والظلم؟
أين المسلم الذى كان يحمى قداس المسيحى؟
هل أصبح لديكم برلمان حقيقى؟
أين رئيسكم <خادمكم>؟
ما مصير الفاسدين وأين الأموال المهوبة؟
هل أقمتم دولة العدل دولة القانون؟
ما مشروعكم القومى القادم للنهوض بحبيبتى؟
ما ....أين...... هل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وبدأت أرى عينيه يكسوها الحزن والألم وأنا أبكم لا أستطيع تحريك لسانى ...
وبدأت أسمع أنين بكائه وتطايرت الدموع من عينيه
فقلت له هون عليك ما يبكيك هل تبكى دمك المسفوح أم عمرك المقطوع؟
جفف دمعه وقال لا لا فلو عدت إليكم ألف مرة لإخترت الشهادة
فأنا هناك وما أدراكم ما هناك
لكنى أبكى حبيبتى..أبيكم حزنا عليكم
دارت بى الدنيا وتقاذفتنى الهموم وأحسست بالخجل وأغمضت عيناى حتى لاأنظر فى عينية ورجعت إلى نفسى برهة وإكتشفت الحقيقة....الحقيقة المرة إكتشفت أنى خنت دم الشهيد فقررت أن أقبل قدميه قبل رأسه وأطلب السماح
ففتحت عيناى فلم أجده أين أنت؟
أين ذهبت؟ أرجوك تعالى أتوسل إليك إقبل عذرى سامحنى.
وظللت أصرخ أين أنت ؟تعالى أعتذر إليك ..
وذهبت صرخاتى سدى
وظللت أبكى أبكى
أبكى نفسى أبكى حبيبتى
أبكى الشهيد
وسأظل أبكى حتى يعود وأجد ما أقدمه إليه ليقبل إعتذارى
واشهيداه وامصراه واحبيبتاه

منشورات مجلة Unknown بتاريخ الاثنين, سبتمبر 26, 2011. أنظر قسم . نرحب بآرائكم وملاحظاتكم ومساهماتكم راسلنا

1 التعليقات على موضوع حوار مع شهيد - لـ د. عاطف عتمان

  1. Zahira Allam

    تنعون حبيبتكم وهي تنعيكم
    فأين الأمانة التى وضعت بين أيديكم ؟!

علّق على الموضوع

أحدث المواضيع

آخر التعليقات

معرض الصور

.

تعريب وتطوير مكتبة خالدية.. جميع الحقوق محفوظة لمجلة بيتي وبيتك للإعلامية صبا العلي