العازف الحزين - للشاعرعلي النعيمي

طَفَئَ نَورَ عَينيهْ.....
وألصَقَ الصَمتَ في شَفتيهْ .....
وعانقَ الكَمانَ و العَصى في يَديهْ.....
وبَداءَ اللَحنُ يَعتَريني ويَروي ما لَديهْ...
والدَمعُ يُرميني كَطفلةٍ بَينَ قَدَميه...
تَروي الشوقَ الذي يَسكنُها إليهْ ..

يُداعِبُ الكمانَ كإمراءةٍ و ويُغازِلُ الأوتارْ
كأنَّهُ يُراقِصُها بعاطفةٍ تَحتَ الأمطارْ
وتُراقِصُني الألحانُ كَمركبٍ ضِدَ التيارْ
إني أُناجيكَ ... إني في حَالةِ دِوارْ ....
يُمسِكُها بإصرارٍ ويُغازِلُها ويُداعِبُها
قد أغراني اللَحنُ ..وتُغريني سِرقةُ الأدوارْ ....

قَد جِئْتَ دُونَ أذني ... و دَخَلْتَ كُلَ مُدني
وتَسيَّدْتَ... وأسَرتَ و أخَذْتَ الفِكرَ مِني
أنِّي مَفقودةٌ ... أنَّي مَوؤدةٌ ...
أصرخُ مِن تَحتَ الدَفنِ ...
أنِّي عاشِقةٌ ....أني مُتيَّمةٌ... أنَّي في غَيرِ زَمَني ....
طائِرةٌ في اللَحنِ أبحثُ عَنكَ..وأبحثُ عَن غُصني

يَأخُذُني العَزفُ..ولا أقوىَ كَالنَهــــرِ الجارِفْ
وأضيعُ في مِقعَدي تَائِهةًمِن سِحرِ ذاكَ العازِفْ
يُدخلُني أرضاً لا توصَفْ آهٍ... مِن حُلمي الزائِفْ

أخبرُه أسرَاري حينَ يَعزف .
أخبرُه عَن إحسَاسي وأعَترف
وأروي أخبَاري و حِكاياتي
لَكِنــــهُ لا... لا يَعرفْ

واختَفَتْ الألحانُ....واختَفى أواني ...
وأستَيقظَ الوجدانُ.....وعاد زَماني....
وأنا حَزينةٌٌ أبكي مِنْ حِرماني....
ودَمعي يَتوقُ لِعَزفِ يَديِّن كَالكَمانِ
وتَنحَني لِلمَوجودينْ
يا صَاحِب َالعَزفِ الحَزين ولا تَراني...
أبكِي بحنين ....أبكِي بأنين ...
* * *

أتَحدى الحانَ الدُنيا أن تُلغيني
كَالتي تَسكُنُني مِن كَمانِكْ
أَتحدى كَلماتِ الدُنيا أن تُثملني
كَما تَثملني بخمر أحزانِك...
أتَحدى وأنا المُتَيــــمةُ
فَخذْني.... ضَيعْني.... في ألحانِكْ.
واتُركْني في بِلادِك مِن المَفقودينْ....

خُذني يَا صاحبَ الكَمانِ الحَزين
واعزِفْ ألحاناً أنسَى بها الأنينْ
واتَركْني أُسافِرُ في لحَنِكَ دونَ يَقين
وأَتركُ وَراءي عالمَي ولَونَهُ الحَزين
خُذْني أنا ودَعْني أرى مَكاني أَحلَى البَساتينْ
لو أنَّكَ بنَفسِ الحَنينْ
لو أنَّكَ ..ورَحلَ دونَ حَنينْ
وأبكِي بحَنينْ ....وأبكي بأنينْ