مزاد للزواج من «يمنيات أميركيات»
بعد أن انتشرت مسميات وأنواع عديدة للزواج، منها الزواج السياحي والبدل والفريند، وزواج الجنسية «سيتيزن»، ظهر مؤخرًا في محافظة «إب» اليمنية، زواج جديد، يسمى زواج «الفيزا»، والذي يعني الزواج من يمنيات يحملنَ الجنسية الأميركية، ويكون لأزواجهن حق الحصول على «فيزا» للهجرة إلى أميركا، ولأن اليمنيات الحاصلات على هذه الجنسية قليلات، زاد الطلب عليهن، وارتفعت المهور بشكلٍ خيالي، لتتحول الفتاة الحاصلة على الجنسية الأميركية إلى سلعةً تباع في المزاد لمن يدفع أكثر.. «سيدتي» تعرض قصصًا وحكايات واقعية لعدد من حالات هذا الزواج.
ظهور هذا الزواج في عدد من مناطق محافظة «إب» اليمنية، سببه أنها من المناطق التي تصدر العشرات من رجالاتها إلى الولايات المتحدة منذ وقت طويل، وهناك حدث تزاوج بين يمنيين من أميركيات، أو يمنيات، وخلفوا أبناء يحملون الجنسية الأميركية، وكانت البنات أوفر حظًا من البنين؛ لأنهن أصبحن يمثلن ثروة لآبائهن، الذين رفعوا شعار «من يدفع أكثر يحصل على الفيزا»، كون بناتهم يتمتعنَّ بالجنسية الأميركية.
«أنت سلعة»
سلوى محمد، ربة منزل، 24 عامًا، تتمتع بالجنسية الأميركية، عادت إلى اليمن مع والديها لقضاء إجازتها، فأحبت ابن عمها، الذي تقدّم لخطبتها، وافق الأب، لكنه طلب مهرًا قدره 30 ألف دولار، ليصاب الشاب بصدمة لم يكن يتوقعها، وفشلت كل المحاولات لإقناعه بالعدول عن رأيه، لكنه قبل بتخفيض المهر إلى 20 ألف دولار، كون الشاب ابن شقيقه.. وما هي إلا أيام حتى تقدم لخطبة «سلوى» شاب آخر يطمح بالحصول على «فيزا»، ودفع 50 ألف دولار مهرًا لوالد العروس، وبعد الزواج سافر مع زوجته إلى الولايات المتحدة، لكنه بعد عامين تزوج بيمنية أخرى مقيمة هناك، وعند اعتراض «سلوى» على زواجه، فاجأها بقوله «دفعت ثمنك 50 ألف دولار كما طلب أبوك، الذي استغلك كسلعة، لكنني اليوم لم أعد بحاجة إليك».
سدد.. تتزوج!
فتاة أخرى حاصلة على الجنسية الأميركية، اسمها ندى حميد، مهندسة معمارية، وضع والدها شروطًا وطلب 40 ألف دولار مهرًا لها، وظل المشهد يتكرر معها كلما عادت إلى اليمن لقضاء بعض الوقت مع عائلتها، وعندما أحبت، ابن خالها، لم يجرؤ على التقدم لخطبتها، بسبب تعنت والدها، الذي عرف بقصة الحب بينهما، فوافق على زواجهما ولكن مقابل مهر قدره 20 ألف دولار، يتم دفعه على مرحلتين، الأولى عشرة آلاف دولار قبل الزواج، والعشرة الباقية بعد دخوله إلى الولايات المتحدة وحصوله على عمل.. دافع الأب وموافقته جاءت، كما يقول خالد، زوج ندى، المتواجد حاليًا في اليمن، لـ «سيدتي»: خشي أن أتزوج بها سرًا، ويكون حينها قد خسر كل شيء.. لكنني تمكنت من جمع القسط الأول من المهر ودفعته له، وبعد مضي شهرين على الزواج حصلت على فيزا وعمل في ولاية «متشجن»، وسددت القسط الثاني لعمي بعد ستة أشهر، واليوم يعيش خالد وندى سعيدين في أميركا، ولديهما طفل يحمل الجنسية الأميركية..
السيناريو ذاته
ويتكرر المشهد ليحكي قصة أمل،طالبة، 22 عامًا، وهي فتاة قروية حصلت على الجنسية الأميركية عن طريق أبيها، والتي أحبّت أحد أبناء قريتها، الذي بادلها نفس الحب، ولكن سقط حقها في الاختيار، إذ كان شرط أبيها لمن يتقدّم لها دفع مهر 25 ألف دولار، ولم يكن ذلك الشاب قادرًا على دفع هذا المبلغ، فتقدم لها شاب آخر دفع المهر كاملاً لأبيها، لتتزوج مرغمة بمَن دفع ثمنها مقدمًا، تاركة وراءها شابًا بائسًا، فيما تعيش هي بلا سعادة، برغم توفر كل مقومات حياة الرفاهية.
قصة «أريام»، طالبة جامعية، تتشابه كثيرًا مع سابقاتها، بخلاف أنها تزوجت مرتين، لم تكن في كليهما مختارة، فبعد أن حصل زوجها الأول على مقصده «الفيزا» طلقها، ليتكرر معها السيناريو ذاته في الزواج الثاني، وبعد زواجين فاشلين أصبح الخيار من حقها، ولكنها ترفض فكرة الزواج مجددًا.
رأي الشرع
يرى الشيخ محمد سعيد السيد، أستاذ علوم الفقه والشرع، أن الزواج في الأساس دين وشرع وحياة، والأصل فيه العقد بغض النظر عن المسميات، ولا يجوز بأي حال أن يتحوّل إلى زواج استثماري نفعي، كما يبدو في كثير من زيجات اليوم، لاسيّما مثل هذا الزواج، الذي بلغ المهر فيه عشرات الآلاف من الدولارات، من أجل الحصول على «الفيزا» أو الجنسية الأميركية، دون مراعاة صلاحية الزوج أو الزوجة للسكنى التي تتحقق بالزواج الشرعي.
ولا يعتبر الشيخ السيد هذا الزواج باطلاً، لكن له مفاسد كثيرة، منها أنه لا يحقق أهداف الإسلام، ولا سعادة الإنسان، بالإضافة إلى أنه عُرضة للفشل، ويتابع: على أولياء أمور البنات أن يتقوا الله فيما ائتمنهم عليه، يقول تعالى: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ..»، فلا يقضوا على سعادة بناتهم وأخواتهم أو قريباتهم من أجل الحصول على حفنة من المال، ولا يجعلوا المرأة سلعة تباع في المزاد، فـ«أكثر الزواج بركة أيسره مؤنة»