سيد الشهداء - بقلم الدكتور عاطف عتمان
الصراع بين الحق والباطل سنة من سنن الله فى خلقه وسيظل هذاالصراع مشتعلا وستظل البشرية عطشى إلى دماء الشهداء
لأن المصلحة الإنسانية والحرية والكرامة والعدل لا يمكن تحققهم إلا إذا عمل كل فرد من أجلهم .وهانت الدماء ورخصت الأوراح ونيلت الشهادة من أجلهم.فلا بقاء للقيم ولا سيادة للعدل والحق ولا حياة لشجرة الحرية إلا بالتضحية والعطاء وأى شىء أغلى من الروح أن يضحى بها وأى غاية أغلى من الحرية والعدل يضحى من أجلها
فالشهداء لهم فلسفة خاصة ولهم رؤية مختلفة ويمتلكون من العزائم والبصائر ما لا يملك غيرهم..
وسنذهب إلى هناك إلى أعماق التاريخ المضيىء نستلهم العبر والدروس ونزكى النفس ونطرح عنها الوهن
هناك فى يوم عاشوراء سنة61هجرية..حيث صال الباطل وجال ..
فبنى أمية عادوا إلى الجاهلية وتكالبوا السلطة وورثوها وتولى شرار القوم أمرهم وسالت الدماء وعم الظلم وكثرت بطانة السوء
{ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}موازين القوة مختلة فللظلم أنيابه وسلطانه وأذنابه والحق يبدوا ضعيفا
هناك وقف المعسكران معسكر الباطل يرغب فى بسط نفوذه على الجميع ويملك السلطة والمال والقوة.. معسكر جمع العتاة والمنافقين والمتكالبين على الدنيا ومن خانوا العهود والوعود
وعلى الضفة الأخرى يقف سيد الشهداء الحسين بن على رضى الله عنهما وقف ومعه الحق وبيديه سلاح الإيمان وزخيرته عدالة القضية التى يناضل من أجلها وبجواره يقاتل ما يقرب من سبعين شمعة قرروا الإحتراق ليينيروا الأرض
الحسين بذل ولم ينظر إلى النتيجة ضحى ولم ينتظر ثمنا دونيا أو دونياويا
ورغم إختلال موازين القوى والعروض السخية له بالتسليم بحكم يزيد ولكنه الحسين وما كان لمثله أن يبيع قضيته بعرض زائل ولكنه الحسين باع نفسه لمن يملكها باع الرخيص بالغالى باع الفناء بالبقاء
ربح البيع أبا عبدالله فأين أنت وأين قاتلك اليوم..إسألوا التاريخ .وتحل علينا ذكرى أخر إنتصار لهذه الأمة ذكرى أكتوبر 73 ويأبى أحفاد الحسين إلا أن يسيروا على الطريق طريق الشهداء فيبذل الشهداء دمائهم من أجل عدالة قضيتهم وإسترداد كرامتهم..فيقدموا أروع ملاحم البطولة فى العصر الحديث وتطير أرواحهم لتعانق روح سيد الشهداء
وتتكالب علينا الدنيا وننسى الشهادة ويموت الألاف فى حوادث الطرقات وغرقا فى العبارات وتحت أنقاض الذمم الخربة تزهق الأرواح ...مات الألاف ولكن ليس كل موتة كالأخرى
نسينا الشهادة فهنا وذللنا
وتحلق روح الحسين من جديد ويأتى شباب أطهار ليحيوا الشهادة ويستلهموا البذل والعطاء من روح سيد الشهداء
فتعود الشهادة وتتدفق الدماء الطاهر تغسل الران والوهن عن القلوب والنفوس وتهب رياح التغيير على عالمنا العربى بعد عقود من الهوان وتأتى دماء الشهداء لتسطر حاضر هذه الأمة وتخطط لمستقبلها وتمسح الذل والظلم والفساد الذى كسا ماضيهم القريب
من تونس إلى مصر مرورا بليبيا
ويظل الدم الطاهر يسيل فى دمشق وحماة وصنعاء وتعز
ويظل الصراع قائم بين أهل المصالح والكراسى وبين أهل الحق والإيمان
وتأتى الشهادة لتحررنا وسنظل أحرارا ما دمنا نجود بأرواحنا ودمائنا من أجل قضيتنا وحريتنا
وبدأت تلك الدماء تغير نظرة العالم من حولنا من نظرة إستحقار وإستعلاء وإستعباد إلى نظرة إحترام وتقدير فها هى جائزة نوبل للسلام بعد أن فقدت فى الماضى موضوعيتها وحايديتها بل ومصداقيتها أجبرتها دماء الشهداء أن تستعيد جزأ من مصداقيتها وها هى توكل كرمان اليمنية العربية المسلمة المسالمة تحصل على الجائزة
وهذه الجائزة وإن منحت لشخص توكل فهى لكل الشباب العربى الثائر هى تكريم للشعوب العربية المقاومة هى تكريم لم يسع إليه الشهداء فجائهم وكم من ساعى لم يدرك ما سعى إليه
أين الحسين الأن؟أين قتلة الحسين؟أين شهداء أكتوبر؟أين بيجن ورابين؟أين شهداء25يناير؟وأين الزعماء والفراعنة؟
وستبقى شجرة حريتنا وارفة الظلال مادامت فينا مشاريع الشهادة
{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}