مُشْ كِدَا وَلَّا إيه - بقلم الدكتور شهير دكروري
د.شهير دكروري
إنَّ العملَ الثَّقافيَّ - مهما بلغتْ قُوَّتُهُ ، وتعالت صيحاتُهُ ، وجاوزَ مداهُ ، دون شكٍّ سينالُهُ الكثيرُ من الشُّكوكِ ، وتطالُهُ جملةُ الطُّعون ، إذ إنَّنا بَشَرٌ و لسنا أنبياء - مبدعينَ كنَّا أو شعراءَ - ، ألم يشكِّ النَّاسُ من قديمِ الأزَّلِ في رسالات الأنبياءِ ، بل وفي الأنبياءِ أنفسهم ، واحدًا بعدَ الآخرِ ، وليسَ أدلَّ على ذلك من قبيلة قريشٍ ( قبيلة النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ) وهم أهلُهُ وذووهُ ، وقال الشَّاعرالقديمُ حكمتَه البليغةَ شعرًا في سياقِ مقولَةً الشِّرف والعفَّة ، كانت ولا تزالُ وستظلُّ هذه المقولةُ ( أو تلك الحكمةُ ) مثار جدالِ الإنسانيَّة منذ بَدْءِ الخليقة وإلى اليومِ ، وتمتدُّ إلى يومِ القيامةِ في كلِّ مكانٍ وأيِّ زمان (( لَا يَسْلَمُ الشَّرفُ الرَّفيعُ مَنَ الأَذى حَتَّى يُرَاقَ عَلَى جَوَانِبَهِ الدَّمُ )) ، إذن الشَّرف النَّظيفُ لا بدَّ أن تنالَهُ النَّوائلُ ، مهما كان صاحبُهُ ( صاحبتُهُ ) أو درجته المثلى - أعودُ فأقولُ : إنَّ أيَّ عملِ ثقافيٍّ أو فكريٍّ أو حتَّى حضاريٍّ تنتابُهُ جملةٌ من الثَّغراتِ و بعضُ التَّرهات ؛ وليسَ ذلك إلَّا لأَنَّهُ عملٌ إنسانيٌّ ، المهمُّ ألَّا يكونَ متعمَّدًا، وإن كان الأخيرُ فمآلهُ إلى مزبلةِ التَّاريخِ وتلك الطَّامَّةُ الكبرى ، أقصدُ هنا بهذه الرُّؤيةِ ما أثارهُ بعضُ شعرائنَا النُّبهاء والنُّبلاء . من أحبَّتي مبدعي مصرَ وخارجها ، أقولُ لهم ولغيرهم من المبدعينَ: ماأوقفنا هذا المشروعِ الثَّقافيِّ لتمكينَ شاعرٍ على آخرَ ، أو شاعرةٍ على أخرى ، لا واللهِ هو فقط مشروعٌ إبداعيٌّ نتحاور فيه ، ونتجاذب أطرافَ الحوارِ الأدبيِّ الفاعلِ رويدًا رويدًا دون ثرثرةٍ أو انفعالٍ ، لأنَّ الشِّدَّةَ ليست بالقوَّة وعُلُوِّ الصَّوتش ؛ وإنَّما هي بالصَّبر والحِلْمِ ( وليسَ الحُلمَ ) ، وليسَ للمحكِّمينَ أّيَّةُ مصلحةٍ مع أحدٍ ، فالجميعُ سواسيةٌ ، ومخطئٌ من يَظُنُّ غير ذلك ، لأنَّ المسابقة الَّتي نحنُ يصددِها لن تزيدني أنا شخصيًّا فما بالكم بالهرمينِ الآخرينِ _ الإعلاميَّة صبا ، والأديب بركات معبد - ، إنَّ ما نلتُهُ منها هو الشَّدُ والعصبيَّة والانفعال والارهاق وإضاعة الوقتِ ، لِمَ كُلُّ هذا ؟ إنَّها خطوة جادة ( للتَّسريَّة الإنسانيَّة ) الرائقة والمطلوبة ، ولا ناقةَ لنا فيها ولا جملٌ ، كلُّ ما نيتغيهِ - أيُّها الشُّعراءُ - أن تعطونا فرصة لنكملَ المسابقةَ أوَّلاً ، ثمَّ نجتمع ثانيًا لتدارك الأخطاء وإزالة الملاحظات ، كلُّ هذا لا يتأتَّى بينَ يومٍ وليلةٍ ، كما أنَّهُ لا يحتاج من المبدعينَ ، وبخاصَّةٍ الشُّعراء منهم ، كلَّ هذا التَّشنُّج الأدبيّ ، لأنَّ دور الأديب ِ والشَّاعرِ تحديدًا هو إراحةُ النُّفوس وليس تأليبِها ، قد أخطئُ في تقييمي أو تقديري - دون تعمُّدٍ مقصودٍ لذاتِهِ - كما تخطئُ أنت أيُّها الشَّاعرُ في إبداعك . ألسنا بشرًا ؟!!!! لذا أوجِّهُ ندائي للأخوةِ الشُّعراء أن يبتعدوا قليلًا عن هذا الموقف العصبيِّ ، ويعودوا بمطاياهم إلى مسابقةِ ليقطفَوا منها وردة من ثماني ورداتٍ متبقيةٍ ، واعلموا أن المسابقة ( صيباوية ) عُقِدَتْ للجميع وليسَ لفردٍ واحدٍ فحسب ، تعالوا إلى حلبة الشِّعر واكتبوا أسماءكم بحروفٍ من نورٍ ، فَمَنْ لم يفُزْ بالأمس أو اليوم سيفوزُ غدًا أوبعدَ غدٍ - إن شاء اللهُ - ، ومَنْ لَمْ يفُزْ في كُلِّ الأحوال سينالُ شرف المحاولة ويكسب - بطبيعة الحال - حبَّ الجميع ورضاهم ، لأنَّنا على مائدة الإبداعِ ، ومائدةُ الإبداعِ لا تقبلُ الفرقاءَ أو الخُصماءَ . وإذا كانَ العلم رَحِمٌ بينَ أهلهِ ، فمن بابِ أوْلى أن يكونَ الإبداعُ رَحِمٌ بينَ أهلهِ وذويه ودراويشهِ . ((((( مُشْ كِدَا وَلَّا إيه )))) . شهير دكروري