هيا نهدى العالم السكينة ( الصوفية مالها وماعليها ) - للباحث أمير المليح
(الصوفية ... مالها وما عليها )
سؤال يفرض نفسه الأن .... هل نحن بحاجة أصلا الى الصوفية ؟ .... وهل خسرنا باضمحلالها ؟ .. أم أن الأفضل - كما تنصح السلفية - أن نهيل عليها التراب ؛؟
لو اتفقت معى أننا نهتم بالعالم المادى أكثر مما نهتم بنفوسنا ...
فسرعان ما ستدرك أن العالم بحاجة الى الصوفية لاستعادة السكينة المفقودة .
اشحذ ذاكرتك .. حاول أن تتذكر معى :
كم من فتاة فى مقتبل العمر تشعر بالحيرة تجاه المستقبل ..
وتحاول أن تتلمس دربها .. كم من شاب يريد أن يفهم لماذا تعانده الدنيا ؟ ... كم من يدهشه أنه ليس سعيدا برغم أنه حقق نجاحه ؛ ... كم من كهل يحاول أن يفهم لغز الحياة قبل أن يفارقها ؛ كم من
أمرأة هجرها زوجها ولا تفهم لماذا انهار المعبد على رأسها ؛
كم من حيارى يلتمسون النجاة بكلمة تهديهم الى الحكمة ؛
كم من قلوب ضالة .. ونفوس حيرى .. وأرواح معذبة .. الكل يبحث عن السكينة .. عن الحقيقة المختبئة خلف حجاب الزينة... عن الحكمة المضنون بها على غير أهلها ..عن الجمال الحقيقى ..عن تنقية الشوائب .. وتصفية القلوب .. وادراج الأرواح فى مسالك الأفراح .
كان بوسع الصوفية أن تفعل ذلك وأكثر ... ولم لا وقد نشأت
فى الأصل كحركة احتجاج صامتة فى وجه التكالب الدنيوى ؛ .. ولم لا وهى النزوع الانسانى الأصيل الموجود فى كل الحضارات القديمة ؛ .. ولم لا وهى التعمق فى الجانب الروحى والتأمل فى الحياة .. كى نصل الى ما فوق الحياة ؛
ولما لا وقد نشأت فى الأصل .. على يد أقوام اختاروا الفقر ليصلواالى الغنى ؛ .. واختاروا الذل ليصلوا الى العز . والعطش ليرتووا من ماء العشق الربانى ؛
مالذى ينقصنا كمسلمين كى نهدى العالم السكينة التى يفتقدها؟ نحمل التوحيد فى يد .. ومكارم الأخلاق فى يد .
الموت أمامنا ينبئ عن السر الأعظم ..وخلفنا تراث الشرق فى التأمل والحكمة . ..كان بوسع الصوفيين أن يكونوا ملجأ
المضطرين .. وملاذ الحائرين .. وراحة المتعبين ..أن يأتيهم العالم جثيا على ركبته ليساعد وه على مساعدة نفسه بنفسه ... لكنهم اختاروا النصيب الأبأس : الدجل .. الخرافة ..الموالد .. خوارقع العادات .. وكرامات الشيوخ .
نحن .... نعم نحن فى انتظار حركة اصلاح للصوفية ..يقوم بها مجدد صوفى ... حكيم بالفطرة ... عليم بنوازع النفوس .. طبيب لأمراض القلوب ... يطيل الخلوة... ويحسن الصمت .. ويغترف من النور الربانى قبل أن يبدأ حركته الاصلاحية فتنجذب اليه القلوب .. كمغناطيس سماوى.
وتبدأ عملية الاصلاح الصوفي التى تأخرت قرونا .. يقرر أن الصوفية ماهى الا تعمق فى الجانب الروحى .. وزهد .. وذكر .. وسكينة .. وتربية خلقية.. وارشاد روحى ...
أما ... أما الموالد ... والمقابر ... وخوارق الشيوخ ... فيخلعها بلا تردد