حوار مع الشاعر علي مولود الطالبي
حاورته : زينب البغدادي
الطموح والمثابرة والجد والموهبة ... من أجمل الصفات التي يتحلى بها كل إنسان يريد أن يكون له دور مهم وفعال في المجتمع ، وأنا اقلب صفحات وطيات ضيفي ، وجدت فيه ذلك الشاب المشبع بالطموح والأمل والثقة بالنفس الكبيرة حد التواضع ، فرغم كل ما يملكه من مميزات يختلف بها عن أقرانه ، إلا انه يقول انه أصغرهم ، وذلك هو تواضع الكبار بالمنجز ، لم تغره انجازاته من أن يقدم لزملائه كل خير يقدر عليه ، بنفسي سالت زملاءه فقالوا : يقول أنا خادمكم وأخوكم الأصغر ومنكم أتعلم ، رغم أن كلهم يقدمون له موضوعاتهم قبل نشرها ليبدي عليها ملاحظاته بروحه الطيبة ، أساتذته واغلب من يعرفونه يرون فيه مستقبلا واعدا وشخصية مهمة ، وكتاباته وتجربته تنم عن ذلك ، بين همسات الإعلام وأخبار الشعر كان لي لقاء مع الشاعر والإعلامي علي مولود الطالبي ...
:: همسات الصباح .. وطيور الحب ، دائما تستوقفني سائلةً عنكَ ، فماذا أرد لها حين تسألني ؟
•- إنسان بسيط جدا ، حملته أمه وسهرت عليه في حجلة رعايتها مع أب ضحى بكل ما يُسعِد لأجل أن يذقه وإخوته نعمة المال الحلال ، منذ نعومة أظافره وهو يحلم أن يكون مقدما للبرامج التلفزيونية التي تخدم المجتمع ، أحب الإنسانية ونذر نفسه للإنسان ، لذا فهو يرى نفسه اصغر الكل ، وخادم الجميع ، وتلميذ كل بشر .
:: كيف تربى علي مولود الطالبي ؟ وماذا أثرت عليه المدينة والعائلة والدراسة ؟ وبمن تأثر ؟
•- تربى على غرس طاهر عفيف ، نُبِتَ من أبوين نقيين كالماء ، علماه كيف يكون إنسانا فاعلا في المجتمع ، وكيف يحقق ما يطمح له من خلال صدقه في طلب غايته ، وكيف يستفيد وينهل من منابع العلم والمعرفة والصحبة ، أما اثر المدينة فقد كان لإرثها وموقعها الضارب في عمق التاريخ العديد من الجوانب الايجابية في حياتي ، أما العائلة فللتركيبة التي تمتزج بها عائلتي دور مهم في حياتي الفكرية ، فوالدي علمني كيف أحب الدراسة والمواصلة فيها والسير الحثيث نحو تحقيق طموحي ، ولامي ذلك الحلم الذي تتوق رؤيته في حصولي على مبتغاي في حقل الإعلام ، وان تراني مقدما لبرنامج تلفزيوني احقق فيه منفعة الناس ولو بشئ يسير ، وأخوتي الذين اصغر كبيرهم وأخواتي اللواتي يصغرنني همسهم في تحقيق حلمي ، تأثرت بكل ناجح في الحياة وكل من يحترم البشر ويحترم من له طموح ويحترم رأي الفقير ، ومدين لكل من علمني حرف ، وأسال الله أن يعطيه كل خير ويرزقه بقدر نواياه .
:: دراستك العلمية حافلة بالكثير من المنجزات ، كيف لك أن تحكي لنا تلك الرحلة الدراسية ؟ وما هي أهم م
حطة تقف عليها الآن ؟
•- الدراسة سلاح معلوماتي رصين جدا ، الذكي من يعي ويتقن تجيّره لمصبه ، في المرحلة الابتدائية تولعت في الدراسة وكنت أولا في كافة مراحلها ، وقدوة للصف في كل المراحل عدا صف الأول الابتدائي ، والرحلة في المتوسطة كذلك تميزت بالتفوق العالي ، حتى عام 2003 بعد احتلال العراق تركت الدراسة ، وعدت لها بعد سنة بسبب ما أصابني من صدمة اثر احتلال العراق ، في الإعدادية أعفيت في كافة الدروس في صفيّ الرابع والخامس الأدبي ، وكنت قد ذهب إلى الفرع الأدبي لأجل أن احقق طموحي في الإعلام ، رغم معارضة الجميع لي ، كوني كنت متميزا في الجانب العلمي ، وفي مرحلة السادس الإعدادي حصلت على معدل ( 91 ) في الدور الأول ، وقدمت إلى كلية الإعلام في جامعة بغداد ، وبسبب سوء الوضع الأمني اضطررت إلى الدراسة في جامعة تكريت ، حصلت في الدراسة بجامعة تكريت على تميز بين زملائي من خلال كتاباتي وتفوقي الدراسي ، وكنت ضمن الثلاثة الأوائل في فرع الإذاعة والتلفزيون ، وحصلت على المركز الأول في مسابقة التحقيقات الصحفية لجميع كليات وأقسام الإعلام في العراق ، وحصلت على المركز الأول في الحوارات الصحفية بمسابقة مؤسسة النور للثقافة والإعلام ، مع العديد من الشهادات التقديرية من قبل رئاسة الجامعة لمدة أربع سنين و كتب الشكر والتقدير من قبل رئاسة القسم وعمادة الكلية ورئاسة الجامعة سواء اثر التميز الصحفي أو الأدبي في حقل الشعر ، ووقفتي الآن هي خريج بكلوريوس إعلام فرع إذاعة وتلفزيون ، وأتطلع عن القريب إلى الماجستير .
:: حقل الشعر ... هذا المركب الثاني الذي تركب عالمه الفسيح ، متى ولد عندك هذا الزهر ؟ وكيف تربى في حضنك حتى أصدرت ديوانك الأول ( ضوء الماء ) قبل أن تكمل مرحلة البكالوريوس ؟
•- الشعر إحساس وشعور وعالم وخيال ونبض وقلب وحب وإنسانية ومودة وسلام وحنان ودفء وحزن وألم وهم وانفعال وعاطفة و و و ما تحبين أن تسطري ، وُلِدَ هذا الكائن في داخلي منذ سن الحادية عشر ، لكن لم أكن اعرفه ولا أعيه ، أما إن أردنا أن نقول أول ولادة حقيقية لأول قصيدة يمكن أن نعتبرها أولُ الغيث ، في سن الخامسة عشر كانت أول قصيدة عمودية موزونة تتكون من عشرة أبيات ، واستمرت الرحلة إلى اليوم ، تربى من خلال العديد من الجوانب منها تعليم وإرشاد أشخاص جزاهم ربي خيرا لكتاباتي ، ومنها القراءة للشعر ، ومنها مخالطة أبناء جيلي والاستفادة من كتاباتهم والتفاعل والمناقشة فيما نكتب وتبادل الرؤى في الشعر ، إضافة إلى الموهبة والحب والوفاء للشعر ، أدت إلى أن يولد ضوء الماء في عيني وتتبعه مجموعتين في الانتظار .
•-
:: طيب لو أردنا منك تقيما لنفسك بين زملائك الشعراء ، فأي مرتبة تحتل ؟ وماذا تفسر الدراسات العديدة والمهمة حول ديوانك ؟ وما نراه من قراءات تتجاوز الآلاف وخمس مائة ومعلقين لا يعدوا في المواقع الالكترونية والفيس بك ؟؟؟
•- كما قلت في لقاء سابق ، أنا لا أقيم نفسي ولا أعطيها أي درجة أو مرتبة ، فذاك شان أهل الاختصاص ومن هم على حكمة وبصيرة في التقيم ، أما أنا بين زملائي أو أبناء جيلي فأحس أني أصغرهم وأبسطهم واقلهم ، واني اكتب بروح تحب الجميع ولا تتكبر على أي حرف يُرسم في حدائق البوح ، أما الدراسات حول ديواني ، فاحمد الله على ذلك أن يكون لديواني حضوه بين أيادي النقاد في تدقيق وتفحص والغوص في عالمه ، وهم أهل فضل في ذلك كونهم دائما يعرفوني بأجزاء وتفاصيل اجهلها ، وفيما يتعلق بالقراءات فاحمد الله على ذلك وان كان إرضاء الناس غاية لا تدرك ، ولكن ربما لاني أحب الجميع واحترم الكل وكلهم إخوتي وأخواتي وأساتذتي يحدث ذلك ، أما إن كانت هناك جمالية في الكتابة تجعل المتابع ينشد نحو كتاباتي ، فذا أمر متروك لمن يقرا .
:: لنعود إلى دنيا الإعلام ، وطموحك في السلطة الرابعة ، حصلت على درجة امتياز في بحث تخرجك ، وكان عنوانه ( أشكال البرامج الحوارية في التلفزيون - الشرقية أنموذجا ) لماذا اخترت فضائية الشرقية بالتحديد ؟
•- الإعلام العشق الأول في داخلي ، تربى ونمى معي وفي جسدي ، لكن إلى الآن لم احقق ما طمحت فيه ، نعم درست الإعلام وتخصصت في الإذاعة والتلفزيون ، وحصلت على البكالوريوس وبدرجة جيد جدا عالي ، وعن قريب أقدم لدراسة الماجستير إن شاء الرب ، واكتب واعمل في الصحف المحلية والعربية والدولية ، واجري حوارات مع شخصيات مهمة ومؤن بها وبما أسالها ، وحصلت على الجوائز العدة ، لكن هل رايتيني على شاشة التلفزيون أقدم برنامجا ؟؟؟ الجواب وبكل الم وأسف لا ! لم احقق ما طمحت له ولم ولن ايئس يوما أو أمل أو أكِل أو امتنع أو أتردد عن ذلك الأمل والطموح في الحصول على غايتي ، أما بحث تخرجي ، فنعم أنا درست فضائية الشرقية وحللت برنامج أطراف الحديث من إعداد وتقديم الدكتور مجيد السامرائي ، وان شاء الله بعد أن سنحت لي الفرصة سأكمل رسالة الماجستير فيها أيضا ، فالشرقية قناة عراقية لها العديد من المميزات والإمكانيات التي تنفرد بها عن باقي القنوات العراقية ، سواء من ناحية السياسة الإعلامية أو التقنية التلفزيونية أو الإمكانيات المالية أو الوقفات الإنسانية مع أبناء الوطن أو آلية الطرح فيها أو هيكلية البرامج فيها أو نسبة المشاهدة أو ما الخ ... ، فالأستاذ سعد البزاز رجل حرفي وأستاذ أعلام ناجح وشخص متمكن من سطوته في ميدان الإعلام ويعي كيف يعمل والى أي صوب يوجه رسالته ومن أي منطلق يتوجه .
:: الم تتقدم قناة الشرقية لك بعرض أو شكر لما قدمته عنها ؟ وان طلبت منك العمل ما رأيك في ذلك ؟
•- كلا لم تقدم لي الشرقية شكرا حول بحث تخرجي ، وكنت أتمنى أن تصل نسخة من البحث إلى الأستاذ سعد البزاز ، رغم أني أرسلته إلى الدكتور مجيد السامرائي حين التقيته ، أما العمل فيها ، فانا أقولها وبملئ فمي ، أنا جندي مطوع لا مكلف في الشرقية وفي أي قناة تخدم مصلحة وطني وأبناءه ، ودون أي مقابل ، فان كان الأستاذ سعد البزاز أكرمه الله يساعد ويقف ويقدم كل الخير إلى المحتاجين ، فما بالي أن انبري إلى العمل دون مقابل ، اعتقد أن ذاك فخر لي كما نفخر كلنا بخدمة بلدنا ، بيد أن العمل في الشرقية أمر صعب على من هو بسيط كحالي .
:: أود أن أعود إلى الشعر ، ما رأيك بقصيدة النثر ؟ وهل تجد نفسك فيها ؟
•- في قصيدة رسومات طفولية قلت :
سـأكـتــبُ الـشـعـرَ كي أبـقى أعيشُ بـه
دوماً فان صدى الـعـشاق أغـرانــي
امـشــي وتـتـبـعـنـي الأنـهارُ عاـشـقةً
ومـن سحابِ هـواهـا زادَ إيمانـي
فان رحلتي أو عيشتي في الشعر موجودة بين طيات الروح ، سواء كان الشعر عموديا أو تفعيلة أو نثرا ، أما رأي في قصيدة النثر ، رغم كل ما وجد عليها من إشكاليات وكتابات واعتراضات ، لكن الواقع يقول أن هناك توجه قوي وقوي جدا صوبها ، فرأي ربما يختلف عن الآخرين ، فانا وبطفولة نظري احترم كل حرف يكتب واجِل كل جهد يبذل في حقل الكتابة ، لان الذي يكتب ويعبر ويحاول أن يؤسس لأمر ما يحسه ويفكر به ويكتبه على مسلة الورق ، يستحق أن نحترمه ، بغض النظر عن إن الشعر له قوانينه وأحكامه وأوزانه وصنعته وموهبته ، لكن أنا أتكلم بالشكل العام ، أما كقصيدة نثر حصرا فانا أحبها واحترمها واجل كل كتابها ، وأنا احد الذي يكتبونها ، ولكن جميل أن يكتب الشاعر الشعر الموزون ومن ثم يشرك النثر دون أن يتخلى عن الوزن أجد ذلك أفضل ، وذا رأي .
:: المتتبع لقصائدك والذي يعيش في طقوس حروفك ، يجدك دائما بين الحبيبة والوطن ، ودائما أنت من المتأملين والجميلين والمتفائلين والمحبين للحياة والراسمين بريشة الحب على أغصان الثمر ، فما هي رسالتك في الشعر ؟ وهل أنت ضد الحزن والهم ؟
•- مذ بداية إنجاب القصيدة وأنا أرى هذا الجالس أمامك ، لا يكتب إلا للوطن وللحبيبة كما أسلفتِ ، وان كتب للام فهي أيضا حبيبة بلون الفطرة ، وان كتب للحبيبة فهي بلون العاصمة كما أقول في قصيدة علميني :
أنت ميزان بعيني ...
يجمع الشمس بمرآة القمر
إيه يا بغداد يا أنثى .. على خصلاتها .. صلّى النهر
فأريج الضوء فاح
وشذاك اليوم لاح ...
إن حبي سوف يبقى
خالدا طول الدهر ..
إن هذا السيل في قلبي قدر
وان كتبت للأب فهو بلون العراق كما أقول في قصيدة رجل في سماء الحكاية :
أبي كُحـْلُ كـُـلَّ مساء الـتـمنـي
وما ليَ من بـوحـهِ مـهـربُ
هـروبا يـرى الكون أنّ الـعراق
بلاد بها الـصـبـر لا يـتـعــبُ
هذا الأمر أراه دائما ملابس لعلي ولا يقدر أن يفارقه مهما حاول ، أما التفاؤل والأمل وكل أصناف الحياة الجميلة ، فحقيقة تجديني فيها ، ولا اقدر يوما أن انفسخ عنها لاني أحس دوما أن الطبيعة والجمال الروحي والورد والصباح والطيور والمرأة ، كلهم زاد لي وهواء لاستنشاق أيامي ، فكيف لي أن أغادرها ؟ أحببت إيليا أبو ماضي كثيرا وجبران وقباني والسياب ودرويش ، وأكلت قصائدهم وتطعمت بجمالها ، دائما كنت أحب أن أكون عنوان أمل للحياة فهي جميلة إن عمرّناها بقلب صادق نقي ، يحب الآخرين و يسعى لان يكون خادما للجميع يرسم نفسه في منتجع الطيب والمودة والوئام ، وذي رسالتي في الشعر ، أما الحزن والهموم فو الله لم أتمناها أبدا لأي مخلوق على هذه البطحاء ، واحزن لحُزن من يطرق بابه زائر الهم و الألم والحزن .
:: المرأة في حياتك ... تحتل أكثر مضمونك في الشعر وربما حتى في أيامك ، فماذا يعني لك هذا الكائن ؟
•- الله ... ما أجمل هذا المخلوق ؟ ما أروع الرحمن حين رحمنا به ؟ كم احتاج من الوقت والورق كي انصف أجزاءه ، اعترف بتقصيري إن لم أعطها كل وقتي ، فربما مشاغل الحياة أقوى مني على ذلك ، لكن هي أمي وما أعظم الأم وأقدس شانها في دنيا الوجود وكونية الحال ، أتمنى أن أكون أرضا تمشي عليها أمي ، كي لا تؤذيها الأرض التي تمشي عليها ، نعم لا أرد أعشُر أفضالها ، ليتني كما قلت يوما في حقها :
فــانــا أطلقتُ روحــي ..
تــرتــمـي فـــي حــضـنِ أمــــــــــــــي
أنتِ يــا أمــــاه عــطـرٌ .. بــلـســم
يـــشــفـي جـروحـي ..
مــن أنـــيـــن الــلـيـــلِ بــوحــــي
قـــبـلـــي خـــدي سـلامــاً
واســـلـمــي وحـــدكِ يــــــــــــــــا أمـــاه
يــــا أحــلــى قـــصـيـــدة
ولـــكِ مــا جـــالَ فــي الأعــمــاقِ
فــي لـــيـلـي وصــبــحــي
ومنها الأخت التي تسكن في قلب المودة عند حنين الإخاء وتقدم الوئام بعطر الخير إلى بيت أبيها ولا تبخس التضحية حتى ولو على حساب نفسها خدمة لدولة العائلة ،،، ومن هذا الكائن أيضا ذلك الملاك الطاهر المعشوقة في سلطة الحب بين قارب الإحساس والمشاعر في دواخلنا ، والسكون والقرب في متن الحنين والعشق في حضرة القلب ، كما قلت في قصيدة بعض نيسان :
إني مـسـكتُ بريــشــتــي ..
ورسـمـت وجـهــك لــوحـة زيـتـيـة
ذا الــوجـه .. كـم رام الـوصال عـلـى جـبـيـن الأمـنـيــات
وطــن سأسكن فــيـه ..
فـي عـيـن حـبـيـبـة
إن نـيـسـانـاً يـحـيـن .. بــلـمـسـة
مـن كـفـكِ
لذلك فالمرأة موطني وهي دارايّ .
:: من خلال ما قرأته عن كتاباتكَ ، سواء في المقال أو العمود أو التحقيق أو الحوار الصحفي ، هناك تركيز واضح وكبير أو ربما طغيان الجانب الاجتماعي والثقافي على مجمل ما تكتب ، فهل المجتمع من يوحي لك الكتابة ؟ أم ظواهره ؟ أم هناك هدف في كتابتك هذا اللون ؟ ولماذا تتميز عناوين مقالاتك بالمزج بين العامية والفصحى ؟؟؟
•- المجتمع هو البنية واللبنة الأولى التي تنطلق منها جل الكتابات ، فالصحفي هو ابن ذلك المجتمع وهو حس أبنائه ونبض الشارع وعين الواقع وكاميرا الأحداث والوقائع ، لذلك أنا لا اقدر أن أعيش دونه ، وبعيدا عن هموم وآلام أبنائه ، ودائما انطلق من ظواهره ومن مشاكله ومن معاناته ، ففي عمودي الصحفي ( بلا صدى ) مثلا ركزت على إيصال صوت الموطن إلى المسؤول ، وكذا التحقيقات الصحفية التي أجريتها واجد لي متعة حقيقية في طرق أبوابها ، فأنت حين تذهب لمشكلة وتطرق بابها وتعالج وتطرح وتبين وتشرح وتستمع إلى تفاصيل تلك المشكلة ووجهات النظر حولها تكون قد حققت كل الألوان الصحفية في موضوع واحد ، أما الحوارات فلي لوني وأسلوبي الخاص الذي أحبه لنفسي ، فانا أحاور الشخصية التي أؤمن بها ، وافتخر جدا بكل من حاورته ، إن كان الأستاذ الدكتور العلامة فاضل صالح السامرائي ، أو الأستاذة الدكتورة الشاعرة بشرى البستاني ، أو الإعلامي الدكتور مجيد السامرائي ، أو الدكتور والشاعر وليد الصراف ، أو النائب مطشر السامرائي ، أو الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد ، أو الشاعر الكبير يحيى السماوي ، أو الشاعر نجاح العرسان ، وكل من حاورته وأجلسته على مائدة الحوار ، واعتذر إن لم تحضرني الأسماء جميعا ، لكن كل منهم له شخصه ولي مقصد من حواري معه ، فهؤلاء هم ذوات المجتمع ونخبه المرموقة ، ومنهم يمكن لأبناء المجتمع أن يستفيدوا ويتعلموا من سيرهم ورؤاهم ، أما عن عناوين مقالاتي ، فهذا أسلوبي وطريقتي في كتابة المقال الذي اكتبه رغم كل الانتقادات التي توجه إليّ بسببه ، لكن استمر ولا أغير قلمي في ذلك ، نعم هناك مقالات وجه إليها نقد كثير مثل مقال ( الجينكو .. وفن التعامل مع الآخرين ، ومقال الصاحب ساحب .. كما تقول جدتي ، ومقال تخرجنا .. والمخدة تنتظرنا ) ومقالات أخرى ، إذ قالوا كيف يكتب علي بهذا الأسلوب ؟ فهذا يعني عدم إجادته لملكة التعبير وكتبوا ما أرادوا أن يكتبوا ضد مقالاتي ، فرددت عليهم بمحبة قائلا : إن هذا الذي تتكلمون عليه اعتقد انه يكتب الشعر ، وله قصائد تفصح عن ما إذا كان يجيد أو لا يجيد فن التعبير .
:: قبل أن ننهي طريق حوارنا ، أنتَ والإعلام والشعر ... من منكم المنتصر ؟
•- أتمنى أن ينتصر الإنسان في داخلي على كل شر ، ويصغر لأجل كل إنسان يعطي حق الإنسانية والبشرية ، أما الإعلام ، فانا أريد أن أكون إعلاميا ناجحا إن كانت مؤهلاتي تسمح بذلك ، والشعر بعد أن أكون إعلاميا أتمنى أن أبقى اكتب ما أحسه وما أريد قوله على فرش الورق وبحر الحبر وسفينة البوح ، وأتمناه أن يصل إلى كل من يحب الشعر ويتذوق همسات الكَلِم .
:: سنغلق اللقاء بتعريف القراء انك نجار وصباغ أخشاب وموبيليات ماهر وفنان في حرفة النجارة وذو خبرة فيها تتجاوز الست سنين ، ثم أريد منك أبيات ارتجالية عن : الأب ، ألام ، الوطن ، الحبيب ، الإنسانية ، التفاؤل ، الطبيعة ، الغربة ، مع جل التحايا لك ولسعة صدرك وصراحتك الجميلة والأنيقة كشخصك مودةُ كل من يعرفك ؟
•- الأب :- لك أشدو الشعر يا خيرَ أبٍ
بجلالٍ زادهُ قدرَ احترامي
•- ألام :- ولأمي الشكر لا أحسبُهُ
قد يوفي حقها حتى قيامي
•- الوطن :- فأنت العراق الذي ما انـحنى
ويا ليـتـنـي دونه أصـلـبُ
•- الحبيب :- فأنتَ حبيبي حين تمضي وكيفما
تكون ، أكونُ وبي شغفٌ يمضي
وأنتَ جمالُ الأفق يزهو كغيمةٍ
تفيضُ وهذا الفيضُ يحلو معَ الومضِ
•- الإنسانية :- يا بدر* يا حلمي على الشُّرَفِ
أدخل عليَّ أضئ سما غُرفي *: المقصود بدر الإنسانية .
•- التفاؤل :- يــشــدو الــتــفــاؤلُ حـلماً انـهُ قــلـمي
لـلـسـائـحـيـن .. وهـذي بعـضُ أشجـانـي
•- الطبيعة :- وما البجعُ الحَلمَانُ إلا عواطفي
تهيمُ إذا ما شعشعَ النورُ تُسرِعُ
•- الغربة :- قد هجرت العراقَ والهجرُ مرٌّ
ليتَ بالوصلِ قد أعدتَ عراقي
بهذه الرحلة العطرة يكون قطارنا قد بلغ محطته ، نتمنى إلى الطالبي التوفيق وان يحقق طموحاته في الإعلام والريادة في الشعر .