قوى خفية ... ولكن _ للكاتب عصام رجب
ان ما يحدث فى جنوب السودان من دعوة للانفصال عن الشمال واستعدادات لاستفتاء تقرير المصير لانفصال الجنوب ما هو الا تمرد داخل الدولة الواحدة وله عدة اسباب نلخصها فى الطمع نحو سلطات عليا لزعماء التمرد , بالاضافة الى الدعم الصهيونى الذى أنشأ الفكرة فى البداية وزرعها فى نفوسهم حتى سيطرت على بعض الطامحين الطامعين الى مناصب توهموها فى دويلة أرادو انتزاعها من جلد الدولة الواحدة "العربية" وهى دولة السودان ..
ففى البداية زاد التمرد وزاد الخلاف لدرجة الكراهية التى أخذت على عاتقها التوغل فى قلوبهم حتى اندلعت الخلافات والمشاكل بين الجنوب والشمال , حتى ان الجنوبيين أخذوا يعدون العدة للانفصال والتفكير فى تسمية دولتهم الجديدة , والاعداد لاختيار السلام الجمهورى لها , وتقسيم السلطة من رئيس للجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وكأنها تورتة يوزعونها على بعضهم دون النظر لمصلحة الدولة والأمن القومى للسودان .. فكانت مطامعهم تسعى لذلك اليوم المنشود ومن أجله نزفت الدماء بسموم دسها لهم العدو الصهيونى والذى كان سندا لهم منذ سنوات طويلة وقد سهل لهم الدعم المادى والعسكرى وكبرت فى رؤسهم الفكرة التى أخذت تتفاقم وتترجم على أرض الواقع حتى وصولوا الى التأييد الدولى بحق تقرير المصير من خلال استفتاء الجنوب .. ان القوى الخفية التى تفعل وتحرك دفة الأمور داخل جنوب السودان هى معروفة للجميع .. ولكنها تلعب من وراء الستار .. نعم انها قوى خفية لأنها لاتتجلى على الساحة السياسية فى هذه النقطة بالتحديد مباشرة , وانما من خلال زعماء جنوب السودان.. فها هى طريقة الصهاينة فى تعاملهم فى تلك القضية الهامة وادارة تلك الأزمة فى السودان .
ان انفصال جنوب السودان ما هو الا قنبلة موقوتة ستهز المنطقة العربية بأسرها بداية من السودان نفسها مرورا بنهر النيل وما يجاورها من دول وعلى رأسها مصر ثم ستتوالى فى زحفها حتى تل أبيب طبقا لما يشيعه البعض من الصهاينة فى مخططهم الأكبر .
وبالطبع فان الغرب يدعم فكرة انفصال جنوب السودان لأن أمريكا تدعم ذلك , وهى الشريك والراعى الرسمى لاسرائيل
ان تلك الأمور كان يجب احكامها منذ البداية من خلال حكومة السودان, وحتى الآن مازالت الدفة فى يدها قبل فوات الأوان , فالبداية هى الدعوة لانفصال الجنوب وما أدراك ما بعدها.
ولكننى أود أن أوجه سؤالا لأمريكا والدول التى تقف جنبا الى جنب ومؤيدة لدعوة انفصال جنوب السودان , هل تقبلون أن يتمرد أى جزء فى وطنكم مناديا بالانفصال لأى أسباب كان ؟.. طبعا الاجابة معروفة .. لا ..
ولكنهم يوافقون بالاجماع ويدعمون ذلك اذا حدث فى أى دولة عربية أو افريقية حتى تصاب بالوهن والتفكك التام ..
ان القنبلة الموقوتة يجب ايقافها .. والعمل على حل الخلافات واعطاء الجنوبيين حقوقهم والاهتمام بهم ورعايتهم اذا كان هذا هو منبع الخلاف.
لأن السودان هى دولة واحدة لاتتجزأ ولايمكن تخيل انقسامها , اما الانفصال سيكون بمثابة فيروس سام سيبدأ فى التوغل داخل شريان الجسد الواحد .
ولكنى أعتقد أن حكومة السودان والدول العربية تدرك جيدا مدى خطورة تلك المرحلة , والخوف من توابعها .. فالسلام والأمان لن يتحقق بالتمرد والعصيان والأنفصال والا أصبحت كل بقاع العالم فى خطر دائم .