فقراء وسط بحيرات النفط - للكاتب تركي الدخيل

تعتبر منطقة الخليج بعامة منطقة دولها من أغنى دول العالم، وقد بلغ الغنى نسبة لم تبلغها هذه الدول بارتفاع أسعار النفط إلى سقف تجاوز فيه منذ أشهر سقف المئة دولار، وهو مرشح لبلوغ المئتي دولار خلال أشهر قليلة!
غير أن واقع الفقر في دول الخليج مخجل جداً. قبل أيام كنتُ أستمع إلى سيدة إماراتية تتصل براديو الشارقة وتشتكي الغلاء، حتى بكت من شدة الحاجة والألم.
من يبكي على الهواء، ليس محترفاً صنعة الكلام والتأثير. لذا فالفاقة التي تصيب الكثير من الأسر في الخليج وخاصة وهي ترى المباني الشاهقة ترتفع واحدة تلو العشر والعشرين، مؤذنة بزيادة الأغنياء غنى، والفقراء فقراً، ما يُنذر بانقسام حاد في طبقات المجتمع، لن تحمد عقباه.
بالأمس أظهر تقرير أن العديد من الأسر في الكويت تتكون من ستة أفراد ولا يتجاوز دخلها 800 دينار أمام أبواب الجمعيات الخيرية لتحصل على نفقات معيشتها، أمام نار الأسعار التي لا ترحم متواضعي الدخل، في ظل إحصائيات الجمعيات الخيرية التي تشير إلى وجود نصف مليون مستفيد من الكويتيين يعتبرون من الفقراء والمحتاجين، طبقاً لـ(الأسواق.نت)!
ولا يزال المشهد الذي رأيناه قبل بضع سنوات محفوراً في أذهاننا، عندما زار الملك عبدالله بيوت الفقراء المعدمين من السعوديين في حي الشميسي بالرياض، عندما كان ولياً للعهد.
أقول إن المشهد لا يزال عالقاً في الأذهان، لأن له نظائر في المنطقة الشرقية، وفي المنطقة الغربية، وفي المنطقة الجنوبية، كما في المنطقة الشمالية.
لا أحد ينكر وجود الفقراء من المواطنين الأصليين، في بلداننا الغنية، ووجودهم بهذه النسب، يشكل عيباً في حقنا كشعوب، وكحكومات، وكأغنياء!
لا يمكن أن تكون هذه المجتمعات تنعم بأغنياء يزدادون كل يوم، وفقراء يزدادون كل يوم، إلا وهناك حقيقتان رئيسيتان، إحداهما أن الأغنياء لا يؤدون حقوقهم فيما يتعلق بأداء واجباتهم المجتمعية وقبل ذلك الدينية تطهيراً لمالهم، والثانية أن الطبقة الوسطى التي هي قوام كل مجتمع فاعل ومتماسك اجتماعياً واقتصادياً وقيمياً، آخذة في الانهيار والتآكل... وحينها لا نقول إلا: الله يستر!